اللواء
سمير فرج يعلق على تصريحات حميدتي التي هاجم فيها مصر.. ماذا قال؟
علق
اللواء دكتور سمير فرج المفكر الاستراتيجي على التصريحات الهجومية بحق الدولة المصرية،
والتي أدلى بها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" قائد ميليشيات الدعم السريع
في السودان، الذي يخوض حربًا ضروسًا ضد الدولة السودانية ممثلة في الجيش السوداني بقيادة
عبد الفتاح البرهان.
وقال
فرج في تصريحات لـ"المصير": كل ما قاله حميدتي حول تدخل الجيش المصري وضرب
قواته بالطيران المصري لم يحدث، وهذا مجرد شو إعلامي ليس أكثر.
وكان
حميدتي قد ظهر في مقطع فيديو بثه على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وهاجم
الدولة المصرية، وزعم أن القوات المصرية ضربت ميلشياته مرتين، وأن مصر تدرب الجيش السوداني
بقيادة البرهان، وقال إن هناك 7 دول تدعم قوات البرهان.
وردت
وزارة الخارجية المصرية على تصريحات حميدتي أمس ونفتها جملة وتفصيلا.
دلالات هجوم حميدتي على مصر
منذ
بداية الصراع المسلح بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في أبريل 2023، ظل حميدتي
يُظهر نفسه على أنه طرفٌ قادرٌ على المواجهة، ويحرص في تصريحاته على التأكيد بأن قواته
ليست متمردة بل هي طرف رئيسي في معادلة القوى داخل السودان.
ومع
ذلك، تتعامل مصر منذ البداية بشكل علني على أنها داعمة لمؤسسات الدولة السودانية، خاصة
الجيش السوداني بقيادة البرهان.
هذا
الموقف المصري ليس سرًا، بل هو نابع من المخاوف المصرية المتعلقة باستقرار السودان،
الدولة الحدودية التي تشكل عمقًا استراتيجيًا للأمن القومي المصري.
تصريحات
حميدتي تجاه مصر تمثل تحولًا نوعيًا في خطابه، فهو كان يُظهر في السابق بعض الليونة
تجاه القاهرة، لكنه الآن يتهمها بالانحياز ضد قواته. يمكن قراءة هذه التصريحات في عدة
أبعاد:
1. محاولة لتحسين موقعه التفاوضي:
قد
تكون تصريحات حميدتي جزءًا من استراتيجية لتعزيز موقعه التفاوضي في الأزمة السودانية.
بمعنى آخر، هو يحاول استخدام تصعيده ضد مصر كوسيلة للضغط على خصومه في الجيش السوداني
وعلى حلفائهم الإقليميين. يمكن أن تكون هذه التصريحات موجهة أيضًا للداخل السوداني،
حيث يسعى حميدتي لكسب تأييد الفئات التي تشعر بالعداء تجاه التدخلات الخارجية في الشؤون
السودانية.
2. توجيه رسائل تحذيرية لمصر:
حميدتي
يريد أن يوصل رسالة واضحة لمصر بأن تدخلها في الشأن السوداني، خاصة دعمها للجيش، لن
يمر دون رد. هذه التصريحات قد تكون تحذيرًا للقاهرة بأن استمرار دعمها للبرهان قد يقود
إلى مزيد من التصعيد على الأرض. كما أن حميدتي يريد أن يظهر كأنه قادر على تهديد المصالح
المصرية في السودان في حال استمر الضغط المصري عليه.
3. رغبة في توجيه الرأي العام الدولي:
من
الممكن أن حميدتي يسعى لتوجيه الرأي العام الدولي ضد مصر، محاولًا تصويرها على أنها
متورطة بشكل مباشر في الصراع السوداني. مثل هذه الاتهامات قد تؤثر على صورة القاهرة
أمام المجتمع الدولي، خاصة إذا تمكن حميدتي من إيجاد دعم دولي لقواته، مستفيدًا من
الانقسامات الدولية حول الأزمة السودانية.
كما
تشير تصريحات حميدتي إلى أن الصراع في السودان قد لا يظل محليًا، بل يمكن أن يتحول
إلى ساحة للتوترات الإقليمية. اتهامه لمصر بالتدخل العسكري المباشر يعكس حجم الخلافات
الإقليمية في الملف السوداني، حيث تتشابك مصالح دول عدة في هذا الصراع.
4. رسالة لحلفاء مصر الإقليميين:
من
خلال هذه التصريحات، يرسل حميدتي رسائل غير مباشرة إلى حلفاء مصر الإقليميين، مثل الإمارات
والسعودية، مفادها أنه قادر على تهديد المصالح المشتركة إذا استمرت القاهرة في دعم
الجيش السوداني.
5. انعكاس لتوترات داخلية سودانية:
الاتهامات
التي يوجهها حميدتي لمصر قد تكون نابعة من شعور قواته بالعزلة المتزايدة في الساحة
السياسية والعسكرية السودانية، حيث يجد نفسه في مواجهة تحالف داخلي وخارجي واسع. مصر،
باعتبارها داعمة للجيش السوداني، تمثل بالنسبة لحميدتي أحد أبرز خصومه الإقليميين.